عرض المقال
يتاجرون بالموت لاغتيال الحياة
2012-10-30 الثلاثاء
من بورسعيد إلى المنيا يا قلبى لا تحزن!!، لقد أصبحنا فى زمن اللادولة، إمام مسجد بوزارة الأوقاف ببورسعيد يُمنع بالقوة من خطبة صلاة العيد بمركز شباب الزهور ويُهدد بإطلاق الرصاص عليه إذا ألقاها؛ لأن شيخاً سلفياً هناك يريد أن يخطب، سلفيون يمنعون حفلاً غنائياً لفريق شبابى اسمه «قلب مصر» بدعوى أنه حفل تنصيرى، يستجيب المحافظ ومدير الأمن وينفض الحفل وشهود العيان يحكون ويتحاكون عن السلفى الذى عنف قيادة من قيادات الداخلية قائلاً: «الحفلات دى ماتتكررش هنا تانى فاهم ولا لأ»!!.
إنها مسألة استعراض عضلات وجس نبض سيطرة، وشو حشد واحتكار إسلام، كيف حدثت هذه السطوة وهل تقاعس الأمن نتيجة أوامر من الإخوان حتى لا يفقدوا سند الحلفاء فى الانتخابات القادمة أم هو تقاعس عن خوف ورغبة فى راحة الدماغ؟ اللقطة التى أثارت الشجون فى حادث المنيا هو المنشور الذى أجج الأحداث والذى كان يوزع أمام الحفل الغنائى والذى وصلتنى نسخة منه، كيف يحرك منشور بمثل هذه الركاكة جحافل من عروس الصعيد، يزيف وعيهم ويصدقونه لدرجة طلب الشهادة أمام سرادق الحفل!، استغل المنشور الطائفية والعنصرية التى نمت وترعرعت فى ربوع مصر فى السنوات الأخيرة، فما إن تقول حفلة تنصير حتى تسخن الأدمغة والتى على الرغم من عدم تحركها لمقاومة الجوع والفقر وعدم وجود رغيف العيش وأنبوبة البوتاجاز والسولار فإنها لا تتحرك فقط إلا عندما تسمع كلمة حفلة تنصيرية ستؤثر على شبابنا الغض وتجعلهم خارجين من الحفل «داقين صلبان» على أذرعهم وجباههم!!.
الشىء الثانى الذى استغله المنشور هو اللعب على وتر الموت والمجهول والذى له تراث مفزع وراسخ وأسطورى عند المصريين منذ فجر التاريخ لدرجة أنهم الشعب الوحيد الذى اخترع وظيفة الندابة!، وأنا لا أصدق ولم أكن أتصور أن مثل هذه الحكايات التى لايصدقها إلا مجنون ستؤثر فى كل هذه الجموع الغفيرة التى نجحت فى اغتيال حفل غنائى برىء، يقول المنشور إن أخاً من المنصورة حكى عن واحد ميت كان بيسمع الغناء فتأخر دفنه حتى انبعثت الرائحة النتنة من جسده ولم يجدوا أحداً يصلى عليه وعندما وجدوا فردين تايهين رضوا بالصلاة عليه انقطعت المياه ولم يمشِ أحد فى جنازته!، وتناسى المنشور أن عبدالحليم وأم كلثوم وعبدالوهاب مشى فى جنازتهم نصف سكان مصر!، المهم ننتقل من حكاية الجثة النتنة التى تتعذب بسبب سماعها الغناء والطرب إلى حكاية الجثة التى يخرج من دماغها الصديد بلا توقف واحتار المغسل السعودى فى سبب هذا الصديد الذى غمر مكان الغسل وأغرقه حتى اهتدى إلى السبب الحقيقى وهو أن هذا الزنديق الرجل الصديدى كان محباً للغناء وسماع الطرب والموسيقى التى هى مقدمة الزنا.
لن أعلق وسأترك لكل من تبقى لديه ذرة من عقل فى جمجمته أن يعلق، كيف وصلنا إلى هذا المنحدر الأملس وإلى ماذا سنصل مع بشر يتاجرون بالموت لاغتيال الحياة؟